Article by Mr. Antoine Bou Abboud Harb posted in Annahar Newspaper on 12 February

نداء مغترب

الدكتور أنطوان عبود حرب

جريدة النهار – ۱٢ شباط ٢٠۱٢

يؤلمني التهجم الجائر على الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ونكران الجميل لكل انجازاتها واعمالها وتضحياتها، ثم وصفها بالفشل والعجز والانقسامات… كلام مر في حق قيادات الجامعة وتاريخها ينطوي على كثير من الظلم، بدل الشكر لشخصيات اغترابية مميزة ووطنية ترأست الجامعة وحافظت عليها في مواقعها الطبيعية، وعلى رسالتها وأهدافها بدون منّة او شكر.

Open PDF Link Antoine Bou Abboud Harb Article-Annahar

كيف نجهل انها المؤسسة الاقوى والأهم والأكثر امتداداً وتواصلاً في دنيا الاغتراب الوطني وبفضل رئيسها الحالي الشيخ عيد الشدراوي ومجلسها العالمي، ما زالت تقوم بأفضل ما يمكن لنشر رسالتها وإرساء اهدافها، بدءاً من الامم المتحدة التي تعترف بها كمؤسسة ثقافية واجتماعية وصولاً الى كل بقعة فيها ابناء الوطن. وصارت الجامعة السلاح الفكري للبنان وتألقه الحضاري، واثبتت وجوده في كل ندوة عالمية او مشروع تجدد واصلاح وحداثة. جسدت تعزيز عالمية لبنان وحضوره الفعّال في المحافل الدولية وفي مراكز صنع القرار، وساهمت في إصدار القرار 1559. وقد جمعت شمل اللبنانيين في العالم وحملتهم على التعاون المثمر والبناء والحنين الى بلاد الارز.

زرعت في نفوس المتحدرين الاعتزاز بأصلهم والتمسك بجذورهم وتراثهم. شعارها الايمان بلبنان وسرمديته، رائدها خدمة هذا الوطن وكل ابنائه، ولم تتأخر يوماً عن هذا الواجب المنشود علماً ان سياسة الدولة نحوها لم تكن سياسة سليمة او حكيمة.

الجامعة مؤسسة عالمية غير حكومية مستقلة، لا سلطة للدولة عليها. وسبق معالي الوزير فيليب تقلا وحدد هذه العلاقة قائلاً: “ان الحكومة اللبنانية لا سلطة لها على الجامعة، ولا تشرف عليها، ولا تقيدها بشيء. هي علاقة المحبة والمساعدة والتشجيع”. تجاهلت وزارة المغتربين المنحلة هذه المبادىء واصدرت يومها قرار رقم واحد واثنين بدون جدوى، وبقيت مديرية المغتربين تسعى بكل الوسائل من خلال المادة الثانية عشرة (12) في قانونها، وهي مادة جائرة تخالف الاتفاقات الدولية، وخاصة مؤتمر فيينا (Vienna) سنة 1972، لكي تهيمن على الجامعة حباً بتجنيد الانتشار في خدمتها، وخدمة ضيق افقها الطائفي والحزبي، وعبثاً سعت لتعطيل حركته وشل فعاليته، وضرب جامعته، عسى هذه التدخلات تمزق نسيج اللبنانيين في مغترباتهم النائية. وقد غاب عن ذهن قوى الأمر الواقع ان القوى الاغترابية وعلى رأسها الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم هي قوى توحيدية صلبة، وليست قوى ضجيج شعارات او نزعات طائفية وسياسية. فالحالة المرضية التي تعيشها هذه القوى السياسية لا تولّد الا العقم والتعقيد لحل مشاكل الاغتراب. وكم من لجان المساعي الحميدة اعترفت بهذا التعقيد السياسي المدروس. الجامعة لا يمكن ان يكون دورها موظفاً في خدمة زعامة او فئة او طائفة او موقع سياسي. لذلك، فالمجلس الذي يبشرون به، وكأنه واجهة لوجهاء، قد يجعل الانتشار امام خطوط تماس بينه وبين الدولة والخارجية. فالجامعة والانتشار ليسا على حافة خطر، لكي يتذرعوا بوضع اليد عليهما، سواء لاغتيال الجامعة وهي اقوى من الموت، او لاغتصاب حرية الانتشار وديموقراطيته او التوهم بالوصاية عليهما.

فالجامعة التي عززت اواصر التفاعل الحضاري والاجتماعي والوطني، وأصبحت جسر التواصل التاريخي بين لبنان المقيم والمغترب لا تلغى بقرار سياسي او بترف فكري حالم بمصادرة دورها ورسالتها او حصارها او اقامة المحاور في ملاعبها.

وهل يجوز اقامة جامعة رابعة، او فرض سلطة الدولة على مواطنين مغتربين لا يحق لهم ادارة شؤونهم او شجونهم، وهؤلاء مواطنون خاضعون لقوانين وأنظمة دول اخرى؟ على إذا شاؤوا، فلتكن!