في اليوم العالمي للمغترب اللبناني:

الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ١٩٥٩-٢٠٢٠: واحد وستون سنة من النضال وتستمر

في ٧ آذار ٢٠٢٠

في شهر آذار من كل سنة نحتفل والمغتربين باليوم العالمي للمغترب اللبناني. وإذ نحن على مشارف هذا اليوم، الذي أقرته الحكومة اللبنانية سنة ٢٠٠٠ بناءً على تحرك الجامعة والجالية في المكسيك، وأمام تمثال المغترب – الرمز، المشرف على مرفأ بيروت، وإزاء هذا التمثال المزروع حول العالم من قبل الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، من أمريكا اللاتينية، إلى أمريكا الشمالية، وحتى القارة الأسترالية، نقف بخشوع أمام تضحيات المهاجرين الأوائل، الذين كفكفوا دموع جداتنا وأمهاتنا بعد المجاعة، وساهموا في النهضة الاقتصادية للبنان، وألهبوا شعلة الحرية، ليس في لبنان فحسب، بل في العالم العربي أيضاً، نتيجة نهضة مهجريّةٍ أطاحت بالتتريك، وساهمت في حركات التحرر في شرقنا العزيز.

وما أن استقل لبنان، حتى اندفع مغتربوه يستثمرون فيه، فغدوا عماد الاقتصاد اللبناني، يضخون في شرايينه الحياة، ويشدون في جسده العصب.

ونحن، إذ نحيّي المجلس الوطني للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم في المكسيك، حيث تأسست جامعتنا العالمية سنة ١٩٥٩، ونحيي “المركز اللبناني” في العاصمة المكسيكية، حيث سيحتفل بهذا العيد في الثامن من هذا الشهر، وحيث يحتفل زملاؤنا وجالياتنا في كل القارات، نوجه تحية عرفانٍ من مسؤولي وأعضاء الجامعة، ومن كل القارات، للروّاد الأوائل الذين أسسوا الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وجعلوها مؤسسةً وطنيّةً بامتياز، تسهر على مصالح المغتربين ومطالبهم، في لبنان، وفي دنيا الاغتراب، وتقيم خطَّ دفاعٍ عالميٍّ للدفاع عن لبنان، وحريته، وسيادته، واستقلاله في الأيام الصعاب.

وإذ تمرالمناسبة هذه السنة ولبنان يعيش ثورةً شعبيةً لم يعرف مثيلًا لها من قبل، وهو يرزح تحت أعنف أزمة إقتصادية ومالية وسياسية ووطنية تهدد اللبنانيين بالفقر، وتظللهم بالمهانة، تستمر الجامعة بدورها الوطني المعتاد، ويهمها في هذا المجال أنّ تؤكد على ما يلي:

1- إنَّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تستمر في دعمها لثورة اللبنانيين العابرة للطوائف، والتي انطلقت في ١٧ تشرين، وتدعم مطالبها في الحرية والعدالة ومكافحة الفساد، واسترجاع أموال اللبنانيين التي سرقها سياسيون وأعوانهم في الإدارة العامة والشركات الخاصة، وفصل السلطات، خاصةً استقلالية القضاء، والدعوة لحوكمة عادلة.

2- يضير الجامعة أنّ ترى السلطتين: التشريعية، والتنفيذية، وقد أحاطتا مراكزها بجدران الباطون طوراً، وبالنار والعنف طوراً آخر، بوجه الثورة البيضاء التي تطالب بأبسط الحقوق، وتعتبر ذلك، ليس مذلةً للبنانيين فحسب، بل تشويهاً لوجه الوطن، ومخالفةً لشرعة حقوق الإنسان العالمية، واختباءً من صراخ الناس، الذي يبدو أنه صراخٌ في وادٍ سحيق شيدته الدولة بينها وبين شعبها.

3- إنّ الجامعة تستمر بمتابعة الشكوى التي رفعها رئيسها العالمي للأمم المتحدة للمطالبة باستعادة أموال لبنان المنهوبة بمنتهى الحرفية والجدية، وهي تعمل، كمنظمة منتسبة للمنظمات غير الحكومية التابعة للمنظمة العالمية، باستمرار الضغوط، داخل المنظمة، وفي دول الإقامة، لوضع اليد العالمية على هذه القضية، وإجبار لبنان على تنفيذ مواد الاتفاقية التي وقعها مع الأمم المتحدة حول مكافحة الفساد.

4- في خضمِّ أزمة الدين العام، وإذ سرقت أموال اللبنانيين، وحُجِرَ على مدخراتهم، نقول، وبالفم الملآن: إنّ أموال اللبنانيين عامةً، والمغتربين منهم خاصّةً، هي أمانةٌ في عنق كل السلطة السياسية، وإنّ المسَّ بها سيصبح قضيتنا الأساس، وسوف يؤدي، إذا حصل، إلى ثورةٍ إغترابيةٍ ستقض مضاجع أركان هذه السلطة في العالم، ونحذر بالمناسبة من محاولاتٍ خبيثة ومستمرة لتغيير وجه الاقتصاد الحر في لبنان.

5- أولاً، وآخراً، إن عودة لبنان إلى ازدهاره لن يتحقق إلا بعودة جميع أبنائه إلى حضن الوطن، بعيداً عن نار الإقليم، وباستعادة الثقة بالدولة، من شعبها أولاً، ومن الدول الصديقة، فلا عدالة دون حرية وسيادة.

6- ونحن، إذ نحيي وزير الخارجية والمغتربين الجديد، الدكتور ناصيف حتي الذي نجل ونحترم، على جهوده لكسر العزلة من حول لبنان، نتطلع إلى اللقاء معه، ونضع أنفسنا بتصرفه، ونهيب به أن يمنع محاولات، قديمة-جديدة، للنيل من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم.

وللتذكير نقول: إن الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم هي منظمة غير حكومية، مستقلة، عمرها ٦١ سنة، مسجلة كمؤسسة عالمية عابرة القارات TGC، ومركزها نيويورك، عضوٌ في المنظمات غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة، أعلى سلطة فيها مؤتمراتها العالمية، ولا تتوسل سلطتها وإسمها من أحد بل من أعضائها ومن مجالسها الوطنية المنتشرة في كل الدنيا، كانت عصيّةً على زمن الوصاية، وستبقى عصيّةً على الوصاية الجديدة، وهي ستحاسب قانونياً كل من ينتحل صفةً أو يستعمل إسمها أو شعارها، وهي تبقى، في عيدها الواحد والستين، ضمير لبنان، وتستمر.

روجيه هاني

ستيفن ستانتن

الأمين العام العالمي

الرئيس العالمي