Don't Miss

PR – President visit to Lebanon 20/11/2006

كتب بيار عطاالله:
الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عنوان كبير في سجلات الانتشار اللبناني في قارات العالم الخمس، لكن هذا الإسم اصبح مادة للسجال اليومي في بازار السياسة اليومية الرخيصة بين ردود متقابلة وسجالات لا يدرك الرأي العام اين تبدأ ولا اين تنتهي. الاسبوع الفائت اختتم المجلس العالمي للجامعة الثقافية في الانتشار مؤتمره العادي السنوي في مدينة فكتوريا الكندية، في حضور 50 عضواً يمثلون المجالس القارية والوطنية والفروع، وتاليا الآلاف من المغتربين المنتشرين في اصقاع الارض.

 ورغم ذلك ثمة من يشكك في شرعية هذه الجامعة وصدقيتها، مع انها أدت دورا كبيرا لا بل رئيسيا في استعادة لبنان لسيادته وحريته، ولا تزال مرجعا لحشد صفوف المغتربين وتعزيز صلاتهم مع وطنهم الام رغم كل المشكلات والهنات والتحديات التي تدفع المقيمين الى الهجرة وليس الى التمسك بوطنهم. الرئيس العالمي للجامعة الثقافية في الانتشار المهندس أنيس غرابيت، يعتبر ان الجامعة ليست جمعية عادية، بل رسالة وطنية واداة ثمينة لحفظ التواصل بين ابناء الشعب اللبناني مقيمين ومغتربين وضمان لنقل التراث اللبناني بأمانة من جيل الى اخر. ويشير في هذا المجال الى مليون و 500 الف مغترب يحملون الجنسية اللبنانية ويترددون على لبنان ويرسلون المال الى ذويهم ويستثمرون اموالهم هنا. وتاليا من حق هؤلاء المشاركة في الشؤون اللبنانية العامة منها والخاصة اسوة بغيرهم من المقيمين، وخصوصا الحق في الانتخاب واختيار ممثليهم في الحياة السياسية والفوز بالجنسية اللبنانية اسوة بالسوريين والفلسطينيين الذين حصلوا عليها.
غرابيت حضر الى لبنان مع مجموعة كبيرة من رجال الاعمال الاميركيين من اصل لبناني، ومن بينهم عدد من اركان الجامعة الثقافية للبحث في سبل مساعدة وطنهم الام بعد حرب 33 يوما. واستغل هذه المناسبة للقيام بجولة على القيادات اللبنانيين من اجل تعزيز التواصل لضمان نجاح الاهداف المشتركة في الدفاع عن سيادة لبنان وازدهاره. ويرد التشويش على احوال الجامعة الى رغبة عارمة لدى البعض في الاستئثار بالمغتربين ووضع اليد على مقدراتهم المعنوية والسياسية”. وفي اختصار، هو يتّهم من امسك بالملف خلال الهيمنة السورية على لبنان انه لا زال يعمل جاهدا على تفتيت الاغتراب وشرذمته والقضاء عليه وتدمير احدى القوى الرئيسية الحية في الشعب اللبناني.

مشكلة هيمنة وتسلط

لا مشكلة حسب غرابيت، وقبل 1990 كانت الجامعة واحدة، وعقدت مؤتمرا في المكسيك انتخب انور خوري حرب رئيسا، لكن سلطة الهيمنة كانت لها “أجندة” مختلفة، اذ عمد وزير المغتربين رضا وحيد الى اصدار القرار رقم 1 بالغاء الجامعة الثقافية وتعيين الحزبي هيثم جمعه مديرا عاما للمغتربين، وكأن الاغتراب املاك عامة وادارة رسمية. لكن اركان الجامعة بادروا الى الطعن في القرار امام مجلس شورى الدولة، وربحوا الدعوى واستمرت الجامعة في استقلاليتها ومؤسساتها، في حين تابع المدير العام للمغتربين مساعيه للامساك بالانتشار وفرض الوصاية عليه، بإيعاز من المسؤول البعثي السوري عبدالله الاحمر، وهو الرئيس الفخري للجمعية الاغترابية العربية في اميركا (Farab). الذي اراد ابتلاع الاغتراب اللبناني وضمه الى صفوف هذه المنظمة. وفعلا عمل جمعه بواسطة مشاريع عدة منها تعيين الملحقين الاغترابيين ولجان الفاعليات الاغترابية وغيرها على تحقيق هذه الاهداف. لكنه أخفق نتيجة الاشكاليات الديبلوماسية التي تسببت بها اقتراحاته مع المجتمع الدولي، ورفض عدد كبير من الديبلوماسيين اللبنانيين الشرفاء التعامل مع الملحقين المفروضين قسرا عليهم. كما قال غرابيت، الذي اشار الى الرفض الشامل لهذه المشاريع من الجاليات اللبنانية في الخارج والتي عرفت انه ليس الا مشروعا من نتاج الوصاية السورية على لبنان للسيطرة على نصف الشعب اللبناني المقيم في الاغتراب ومنعه من التحرك ضد الهيمنة السورية.
ويضيف رئيس الجامعة، ان الاغتراب رد بعقد المؤتمر العاشر للجامعة في البرازيل وانتخاب جورج انطون رئيسا، للتأكيد على استمرار الجامعة في عملها مستقلة عن اي وصاية في ديار الانتشار. ولكن مع نهاية ولاية انطون عمد هيثم جمعة في اطار سياسة “فرق تسد” الى اصدار قرار غير شرعي بتمديد ولاية جورج انطون سنتين اضافيتين. ورد الاغتراب بأن ما يصح في ظل الهيمنة السورية في بيروت لا يصح على الجامعة، وانعقد المؤتمر الحادي عشر للجامعة في لوس انجلوس وانتخب ناجي نعيم رئيسا خلفا لأنطون. وهكذا اصبح للجامعة رئيس شرعي منتخب في مواجهة رئيس غير شرعي ممدد له بقرار من اجل جامعة خاضعة على مقاسات سلطة الوصاية السورية. واستمرت الجامعة في الانتشار وانتخبت العام 2001 بشاره بشاره رئيسا عالميا، والعام 2003 جو بعيني رئيسا خلفا له. وتمكنت من حفظ مواقعها والتمدد الى القارة الاوروبية التي نشأت فيها جاليات لبنانية كبيرة خلال السنين الاخيرة، كما تمكنت من تشكيل فروع لها في جنوب افريقيا وبوركينا فاسو وغانا وبيلين ومالي، في حين وقفت فروع الكونغو وابيدجان ونيجيريا الى جانب هيثم جمعه نتيجة ضغوطات كبيرة وعلى خلفيات معينة.

إهمال مطالب المغتربين

اعتقد اركان الجامعة الثقافية في الانتشار ان جلاء الجيش السوري عن لبنان، سيؤدي الى الى زوال منطق الهيمنة، واصلاح ذات البين والتخلص من محاولات التسلط والاستئثار. ولكن تبين ان التحرير واستعادة السيادة توقفا عند اعتاب مديرية المغتربين التي لا يزال هيثم جمعه مسيطرا عليها ويتحكم بقراراتها، على ما قال انيس غرابيت، الذي يؤكد ان كل مطالب المغتربين لا تلقى بالا من الحكومات المتعاقبة وخصوصا مطلب المشاركة في الانتخابات، وتسهيل معاملات تسجيل المواليد الجدد واعادة الجنسية الى عشرات الالاف من المغتربين الذين تقدموا بطلبات للحصول عليها، والذين يزورون لبنان سنويا مستخدمين جوازات سفر اجنبية ويحرمون جوازات سفرهم اللبنانية حصل عليها المجنسون السوريون والفلسطينيون وغيرهم.
ويحدد الرئيس العالمي للجامعة اهداف المغتربين بأنها واحدة، و”اذا كانت سيادة لبنان جريمة فالانتشار كله من المجرمين”، ويؤكد ان الجامعة لا تحتاج الى إثبات شرعيتها الى قرارات فوقية بل تستمد شرعيتها من القواعد الاغترابية الواسعة، بدليل عشرات الفروع والمجالس الوطنية والقارية المنتشرة في كل انحاء العالم. وعن المبادرات لحل المشكلة القائمة مع من يدّعون تمثيل الجامعة في بيروت، يقول غرابيت انهم يسعون لأفضل العلاقات مع الدولة اللبنانية، لكن السلطة الحالية لا تبادلنا هذا الشعور، ولا تستطيع ان تفهم اننا نتعاطى السياسة من منطلق وطني لا طائفي او سياسي. ويجزم ان من امسك ملف الاغتراب خلال الوصاية السورية لا يزال مسيطرا عليه، في حين كان يجب إعفاؤه من هذه المهمة بعدما اخفق في التفاهم مع الاغتراب وحاول زرع الشقاق بين صفوف الانتشار اللبناني. ويشير في هذا المجال الى الدعوى التي رفعتها الجامعة امام الغرفة الابتدائية في بيروت والناظرة في قضايا انتخابات الجمعيات، ليؤكد ان كل ما يقوم به هيثم جمعه او من يدعي تمثيل الجامعة هو باطل ومخالف للقانون.
اما عن اتهام جامعة الانتشار بالتورط في الشؤون السياسية، فيرد غاربيت ان لبنان كان مهددا في وجوده وكيانه وكان لا بد من ان يتحرك الاغتراب، وكان لنا شرف المشاركة في وضع القرار 1559 وتحريك الجاليات لمساندته، ونحن اليوم ندعم الحكومة اللبنانية في مساعيها لبناء الدولة واعادة الاعمار، فهل هذه امور يعترض عليها اي مغترب؟ والحل في رأيه في عقد مؤتمر عام، استنادا الى قرارات مجلس شورى الدولة من اجل لملمة كل قوى الاغتراب بعيدا عن اي تدخل سياسي او طائفي او مذهبي. على ان يضع هذا المؤتمر الخطوط العامة لأعادة اطلاق الجامعة والخضوع لكل قوانينها والتزام المحافظة على سيادة لبنان وحريته واستقلاله.
الرئيس العالمي للجامعة الذي حضر الى بيروت مع 62 من رجال الاعمال الاميركيين من اصل لبناني لدراسة الوضع والبحث في سبل انعاش الوضع الاقتصادي بعد حرب تموز المدمرة، يعتبر لبنان مثل طائر الفينيق يقوم من الرماد. ولكن في رأيه ان هذا الطائر الصغير لا يجوز ان يقتل باستمرار كي يقوم من الرماد. وهناك ستة ملايين لبناني متحدر من اصل لبناني يجب التعامل معهم على انهم معنيون بالوضع اللبناني ويدركون ان خراب لبنان سيكون كارثة على الجميع.