WLCU Mass for the Victims & the Missing Persons of the Ethiopian plane Crash -12 February 2010

ترأس رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني الكاردينال ‏مار نصر الله بطرس صفير، قداساً على نية ضحايا الطائرة الأثيوبية، مساء أمس في كاتدرائية ‏مار جاورجيوس المارونية في وسط بيروت، بدعوة من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، ‏وبمشاركة ممثل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة ‏الأرشمندريت ألكسي مفرج، ممثل مطران بيروت وتوابعها للروم الكاثوليك يوسف كلاس ‏الأرشمندريت الياس رحال، ولفيف من الكهنة.

حضر الإحتفال ممثل الرئيس أمين الجميل عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب اللبنانية ‏المهندس روكز زغيب، ممثلة وزير الإعلام الدكتور طارق متري مديرة “الوكالة الوطنية للأعلام” ‏لور سليمان صعب، ممثل وزير العمل بطرس حرب أنطوان الهاشم، ممثل وزير السياحة فادي ‏عبود جوزف حيمري، السفير الفرنسي دوني بييتون، السفير الأثيوبي أسامينيو ديبيلي بونسا، ‏السفيرة الفنزويلية سعاد كرم والنواب: عبد اللطيف الزين، جمال الجراح، اسطفان الدويهي، ‏وخضر حبيب، ممثل رئيس الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع النائب فريد ‏حبيب، ممثل رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب العماد ميشال عون نقولا الصحناوي، رئيس ‏مؤسسة الإنتشار الوزير السابق ميشال اده، النائب السابق بيار دكاش، ممثل قائد الجيش العماد ‏جان قهوجي العميد الركن صلاح فضل الله، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ‏ريفي العقيد مارون نصر، ممثل المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني الرائد أنطوان عبد ‏الكريم، ممثل المدير العام لجهاز أمن الدولة العميد الياس كعيكاتي الرائد بيار براك، مستشار ‏شؤون الفرنكوفونية في رئاسة الجمهورية الدكتور خليل كرم، الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية ‏الثقافية في العالم عيد الشدراوي، رئيس مجلس الأمناء في الجامعة شكيب رمال، رئيس مكتب ‏لبنان في الجامعة طوني قديسي وأعضاء في الجامعة وعدد من أهالي الضحايا، إضافة إلى ‏شخصيات سياسية ودبلوماسية وإجتماعية ودينية وإعلامية.‏

بعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى المطران مطر عظة جاء فيها: “نلتقي اليوم حول مذبح الرب في ‏هذه الكنيسة الكاتدرائية لنقيم الصلاة على نية ضحايا الطائرة الإثيوبية، الذين تعرضوا لحادث ‏جوي مريع فقدوا فيه حياتهم بسقوط طائرتهم في البحر، دقائق معدودات بعد إقلاعها من مطار ‏بيروت. كان الطقس عاصفا في سماء لبنان والجو ملبداً بالغيوم السود التي كانت تبرق وترعد ‏وتصب على الدنيا أمطاراً غزيرة بكل اتجاه. لم يأبه المسافرون لهذه العاصفة العاتية ولا قبطان ‏طائرتهم الذي تسلح بخبرته الطويلة في عمله الصعب، لكونهم جميعا يسعون كل إلى رزقه مهما ‏ساءت الظروف وتقلبت الأحوال. كانوا أربعة وخمسين لبنانيا ومعهم حوالي ثلاثين إثيوبيا ومن ‏بعض الجنسيات المتعددة، وكانت من بينهم زوجة السفير الفرنسي العزيز الواصل إلى لبنان منذ ‏مدة وجيزة. وإذا بطائرتهم تهوي من الجو إلى البحر وقد تحولت كتلة من نار قبل أن تتكسر ‏حطاما مبعثرة وتودي بركابها المذهولين على ما يفوق التصور من هلع ومن خوف رهيب. ‏فتجرعوا الكأس الأمر التي يستطيع الموت أن يقدمها غصبا ودون سابق إنذار”. ‏

أضاف: “لقد مر إلى اليوم على هذه المأساة الرهيبة حوالي ثلاثة أسابيع كانت لذوي المفقودين ‏والضحايا دهورا من حسرة في القلب ودمع في العيون، وهم ينتظرون، العائلة بعد الأخرى، تسلم ‏أحبائهم يعادون إليهم من لجة الغرق على غير ما كانوا يتوقون لهم من عودة بعد سفر ما كانوا ‏يترقبونه رحلة أبدية محرومة من قبلة وداع. لقد صلينا كلنا على نية الضحايا البريئة الذاهبة إلى ‏ملاقاة وجه ربها وأحرقنا البخور لراحة نفوسهم سائلين لهم الرحمة من رب الرحمة، وقبولا ‏لأرواحهم في سمائه التي لا تعرف نوحا ولا بكاء بل سعادة كاملة في جوار من يمسح كل دمعة ‏من العيون ويجعل نصيب أبراره وأصفيائه خلودا في بيته الذي لم تصنعه أيدي بشر. وفيما أجساد ‏الضحايا تنتشل من اليم، استجابة لرجاء الأهل بأن يستعيضوا عن خسارتهم ولو بدفن أحبائهم دفنة ‏مكرمة تبرد بعضا من غليل، تلقينا دعوة إلى هذه الصلاة صادرة عن القيمين الأحباء على ‏الجامعة الثقافية للمنتشرين اللبنانيين في العالم، وقد شرفنا صاحب الغبطة والنيافة وكلفنا بإقامة هذه ‏الذبيحة الإلهية باسمهم ونيابة عنه، مقدمين إياها على نية جميع الذين خسرناهم في هذه المأساة من ‏لبنانيين وأجانب، وسائلين الله أن يتقبل أرواحهم الطاهرة في فسيح جنانه وأن يبرد غليل ذويهم ‏وأصدقائهم المفجوعين بغيابهم الحزين”.‏

وتابع المطران مطر: “ومن أكثر إدراكا من أعزائنا المغتربين لعمق المأساة التي تعرض لها ‏أحباؤنا الذين ابتلعتهم أمواج البحر الهادرة؟ هم الذين ركبوا الأخطار برا وبحرا وجوا منذ ‏عشرات السنين وسقط من بينهم أحباء في حوادث متعددة، وهم يعاندون العناصر ويتحدون ‏المجهول لكسب القوت لعيالهم ولتأمين مستقبل زاهر لأجيالهم وسط ظروف لا يعرف قساوتها إلا ‏من يعانيها؟ ونحن إذ نتكلم اليوم عن انتشارهم تحت كل سماء، لا ننسى الدوافع التي أدت إلى ‏إغترابهم وهي تحمل ألوانا شتى من المآسي والمصاعب، منها ضيق الآفاق الاقتصادية ومنها ‏الحروب والصراعات السياسية، ولو أضيف على هذه الدوافع توق إلى التواصل والاكتشاف لآفاق ‏عيش جديد. فيمم مغتربونا شطر الأميركيتين منذ القرن التاسع عشر، وتوغلوا في مجاهل أفريقيا ‏من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى بلدانها الشرقية، وجابوا أقطار أوروبا وقصدوا البلدان ‏الأسيوية وأستراليا البعيدة حاملين معهم قبل كل كنز وحطام، إيمانا وثيقا بربهم وتوكلا على ‏شفاعة شفعائهم وقيما روحية واجتماعية وإنسانية حفظت لهم هويتهم من الضياع وأنارت دروبهم ‏في اندماجهم مع شعوب غير شعوبهم وثقافات غير ثقافاتهم. فسقط منهم الضحايا على طرقات ‏مجهولة وتعرض بعضهم لشتى عذابات النفس والجسد ولأنواع من الاضطهاد وهدر الحقوق ‏وسوء المصير. لكنهم جاهدوا وصمدوا، وكان المتعرضون منهم للقهر والموت شهداء لأحيائهم ‏وفداء لهم وقوة عزم على تكملة المسيرة كرمى لعيونهم التي انطفأت على غير مشهد الأحباء ‏وأيدي الأقارب والأعزاء”. ‏

وقال: “إن أخواننا اللبنانيين الذين استقلوا تلك الطائرة المشؤومة الطالع، كانوا جميعا في رحلة ‏عمل وسعي من أجل أحبائهم. كانوا لبنانيين وفرنسيين يقصدون إثيوبيا وجوارها وكانوا إثيوبيين ‏يقصدون لبنان وجواره للعمل وكسب الحياة. كانت آمالهم كبيرة وطموحاتهم واسعة، وكانت في ‏قلوبهم لهفة لزيارة شقيق أو صديق ولمؤاساة مريض أو نجدة رفيق. كانوا خلية نحل ترتشف ‏الرحيق من أزهار الأرض لتضفي على عيش الأهل والأعزاء حلاوة الحب والرغيف الأبيض ‏الحلال. وإذا كان ربهم قد اكتفى منهم بما قدموه له من إيمان به وتوكل عليه، فأدخلهم إلى سمائه ‏وهو لنا ولهم رب الأحياء والأموات، فإننا نسأله تعالى المكافأة الصالحة لهم عن حياتهم الخيرة ‏المعطاء. وإنا إليه كلنا راجعون. فنسأله أن يبرد غليل ذويهم ويخفف عنهم هذا المصاب الأليم ‏والعذاب الذي لم يكن لهم طاقة لحمله. وإن لنا عزاء كبيرا بما قدمه جيشنا الأبي ومؤسساتنا ‏المسؤولة عن الغطس في الأعماق وعن عمليات الإنقاذ التي تفانت في سبيل تحقيقها بما يتعدى ‏القدرة البشرية، وما يفوق منا كل تصور، وبما أظهره مسؤولونا رئيسا ومجلس وزراء، وقيمين ‏على كل المستويات، من إرادة صلبة في القيام بالواجب على ما يرضي الله والضمير. وإننا نشكر ‏فيما نشكر القوات الصديقة التي أتت إلى النجدة والمساعدة بمراكبها المتخصصة وإراداتها الطيبة، ‏متمنين لدولتنا المزيد من القوة والاستعداد لمواجهة مثل هذه الكوارث، وموقنين أيضا أن تقويتنا ‏لدولتنا هي رهن بإرادتنا وبتعاوننا بعضنا مع بعض وبالعمل الدؤوب على إعلاء شأنها لتكون ‏نصرة لكل منا وسنداً في زمن الشدة والضيق”. ‏

وختم المطران مطر عظته: “فيما ندعو إلى إنتشال أجساد ضحايانا ليضمها تراب كل منها حيث ‏يرقد لها آباء وأحباء، نسأله تعالى أن يجمع أرواحهم في علياء سمائه وهو خالقها وحافظها القدير. ‏وأن يمد بالمؤاساة أهلهم المفجوعين في لبنان وأثيوبيا وفرنسا وفي كل بلد مني بخسارتهم. وباسم ‏سيدنا صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، وباسم جامعة المغتربين في ‏العالم الداعية إلى هذه الصلاة وباسم جميع اللبنانيين نتقدم مجددا من ذوي أحبائنا الضحايا لبنانيين ‏وأجانب، بأصدق عواطف التعزية سائلين الله أن يسكب على ضحايانا فيض مراحمه وعلى أهلهم ‏الأحباء بلسم السلوان والعزاء”.‏

تحدث الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عيد الشدراوي، فقال: “اجتمعنا هذا ‏المساء لنقدم القداس على نية كل الضحايا الذين سقطوا وعلى نية عائلاتهم، ليمنحهم الرب الرجاء ‏والإيمان بالقيامة والتسليم لإرادته”. أضاف: “نحن كجامعة لبنانية ثقافية في العالم نتوجه بإسم كل ‏لبناني منتشر يكافح من أجل مستقبله ومستقبل اولاده، بالتعزية القلبية لكل اللبنانيين، وخصوصاً ‏للسفير الفرنسي دوني بييتون الموجود بيننا، وهو يعلم بان كل الكلمات لا تعوض الخسارة الكبيرة، ‏ويعلم أيضاً كم يضحي المغترب من اجل اهله في لبنان حتى يعيشوا بكرامة”.
واشار الى “اننا كنا نتمنى ان تتحسن الحال الاقتصادية في لبنان لنعود اليه”، مؤكدا “ان ال54 ‏لبنانيا الذين فقدناهم كانوا بانتظار هذا الامر لان ايمانهم بلبنان كان كبيرا ويعتبرونه رسالة سلام ‏ومحبة وإنفتاح على العالم”. ‏

وتابع: “من هنا أقول لكم رغم كل التحديات والصعوبات ضعوا إيمانكم بالله، وتذكروا ان الأحباء ‏الذين ذهبوا هم شهداء على مذبح الوطن، والشهادة لا تحصل فقط في زمن الحرب”، لافتا الى “ان ‏لبنان أرض القداسة ورسالة حوار للشرق والغرب، والبحر الذي غرقوا فيه تابع لهذه الارض التي ‏أنبتت قديسين. إن شاء الله تكون هذه الفاجعة خاتمة أحزاننا جميعا وفاتحة أمل لكل لبناني”.

إشارة إلى أنه تلا النوايا تقلا غلبوني عسال زوجة الضحية ألبير عسال وشقيقة الضحية زياد ‏القصيفي.‏