Don't Miss

بيان الرئيس العالمي للجامعة ستيفن ستانتن حول “الاتفاق الإطار” لترسيم الحدود مع إسرائيل

إنّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والمغتربين معها، إذ تستمر بمتابعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية المتردية في لبنان بقلق شديد، توقفت عند الإعلان المفاجئ لما سُمِّيَ بـ “الاتفاق الإطار” من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري حول ترسيم الحدود مع دولة إسرائيل، وفي هذا الصدد يهمنا أن نعلن أنّ ما حصل فيه إيجابيّات، ولكن أيضاً فيه سلبيات وتساؤلاتٌ ومحاذير.

على صعيد الإيجابيات

أولاً) من حيث المبدأ، إنَّ ترسيم الحدود مع إسرائيل هو مطلبٌ لبنانيٌّ مُزمنٌ، طُرِحَ بقوّة بعد الانسحاب الإسرائيلي في ٢٥ أيار سنة ٢٠٠٠، هذا الانسحاب الذي عُدَّ تطبيقاً متأخراً للقرار الدولي رقم ٤٢٥ والذي صدرَ بتاريخ ١٩ آذار سنة ١٩٧٨.

ثانياً) إنَّ هذا الترسيم مطلوبٌ أيضاً للمحافظة على الحقوق اللبنانية برّاً وبحراً، بما يعني العودة إلى اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل الموقعة سنة ١٩٤٩، والتي ارتكزت على القرارات الدولية لترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين سنة ١٩٢٣.

على صعيد السلبيات والتساؤلات والمحاذير

أولاً) إنَّ ما قام به رئيس مجلس النواب، في وقتٍ تَعمَّدَ فريقه السياسي الإطاحة بتشكيل حكومة للإبقاء على فراغٍ في السلطة التنفيذية، هو تجاوزٌ فاضحٌ للدستور اللبناني، والذي، بموجب المادة ٥٢ منه، يحصر حق التفاوض في المعاهدات الدولية برئيس الجمهورية، وبالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، وإنَّ للمجلس النيابي مجتمعاً، وليس لرئيسه، الحق في رفض أو إبرام أية معاهدة يرسلها رئيس البلاد والحكومة.

وإنّ تسليم هذا الموضوع لرئيس البلاد بعد هذا الإعلان يُعدُّ انتزاعاً للقرار من السلطة التنفيذية، وتحويلها لمجرد سلطة شكليّة تُنفّذ رغبات الفريق المُسيطر على الدولة.

ثانياً) إننا نستنكر هذا النهج المُتّبع من قبل فريق سياسي يُسيطر بالسلاح على قراري الحرب والسلم في لبنان، لخدمة مصالح إقليمية. هذا النهج الذي يستقوي على الداخل، فيُعطل الدستور ساعةَ يشاء، ويُغلق مجلس النواب لسنوات إذا أراد، ويمنع انتخاب رئيس للجمهورية، ويمنع تأليف حكومة حتى لو انهار لبنان وافتقر شعبهُ ودُمِّرت عاصمته. ونحن هنا، إذ نتهم هذا الفريق السياسي، نتهم أيضاً كل من تعاون معه من المنظومة السياسية التي توزعت المناصب، وأمعنت فساداً كثمنٍ لتغطيتها لهذا الخروج عن منطق الدولة.
وبغض النظر عن الأسباب التي حدت بهذا الفريق للموافقة على هذا الترسيم، والتي قد يكون بعضها هرباً من العقوبات على سياسيي هذا الفريق أو سياسيي حلفائه، فإنَّ بعضها الآخر إقليمي حتماً، فلقد جعلَ هذا الفريق من لبنان، ليس ساحةً فقط لإيران، بل ورقةً تُستعمل في البازار الدولي وفي الصراع بين إيران والولايات المتحدة.

ثالثاً) إذا كان ترسيم الحدود سهلاً مع “العدو” فلماذا لا تكون عملية الترسيم شاملةً الحدود السورية اللبنانية؟ ونتساءل هنا: هل سنبقي على موضوع مزارع شبعا، وهي جزءٌ أساس في ترسيم الحدود مع سوريا، لكي نُبقي على ذريعةٍ لاحتفاظ هذا الفريق للسلاح “المقاوم”؟!

رابعاً) نحن نتوقف عند القاموس الجديد الذي اعتمده الرئيس بري في التحدث عن إسرائيل، فهي لم تعد “العدو” والكيان الغاصب، وعليه، فإنَّ ذريعة حمل السلاح “المقاوم” سقطت إلى غير رجعة، ولا بُدَّ من تسليم هذا السلاح، الذي فقدَ دوره الأساس، إلى الجيش اللبناني، فلا نبقي عليه وسيلةً للهيمنة على اللبنانيين وعلى الدولة. وعليه، لا بد من تطبيق كل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، خاصّةً القرارين ١٥٥٩ و ١٧٠١، ونحن حريصون على ترسيمٍ برّيٍّ سليم يزيل الإشكالات حول الخط الأزرق.

خامساً) إننا لن نقبل أن تتحول هذه “التنازلات” إلى غطاءٍ للفاسدين، فمهما قدّموا للمجتمع الدولي من “هدايا” فلن نقبل أن تُستَثمرَ أبداً في هروبٍ من العدالة، فنحن، كمغتربين، سنكون لهم بالمرصاد في دول الإقامة، وسوف نلاحقهم، وبكل الوسائل لاستعادة أموال لبنان واللبنانيين المنهوبة.

سادساً) ولن نقبل أيضاً أن يكون ثمنَ هذه “التنازلات” وضعُ اليد من قبل فريق سياسي، لا بل مذهبي، على ثروات الطاقة في الجنوب، فإنَّ ثروات لبنان الطبيعية ملكٌ للشعب اللبناني، ولا رجعةَ، بعد ثورة تشرين، إلى سياسة المحاصصة التي أفلست لبنان وأفقرت شعبه.

سابعاً) وللتذكير، وعطفاً على كل مواقفنا السابقة، إنَّ الحوار اللبناني – اللبناني للبحث في ركائز لبنان لمئويّةٍ جديدة مطلوب، لكن لا حوار في ظل السلاح، ولا مناصَ من عودة لبنان الرسالة، في حيادٍ إيجابيٍّ، بعيداً عن الصراعات الإقليمية.

الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم

ستيفن ستانتن