منحت الجمعية العالمية لالتهابات الكبد الفيروسية HEPATITIS جائزتها الاولى Young Investigator Award عن أفضل بحث علمي واعد بالتخلص من هذا الوباء الصامت من النوع C الى طالب الدكتوراه في جامعة McGill الكندية الباحث اللبناني بيار كرم (قرطبا – 1984) نجل مدير مكتب “الوكالة الوطنية للاعلام” في جبيل الزميل ميشال كرم، الذي تم اختياره من بين 960 مشاركا من مختلف الجامعات الاميركية والاوروبية والعربية، من بينهم طلاب دكتوراه ودكاترة باحثون واساتذة جامعيون في اختصاصات الكيمياء والبيو كيمياء والكيمياء الفيزيائية، بعدما حقق خرقا علميا مدعوما بالاختبارات والتحاليل التي اجراها على البروتين من نوع RNA polymerase في رصد اساليب عدوانية الفيروس C في تحويل الاصابة بالعدوى الى التهاب مزمن يتسبب بتليف الكبد في المراحل المتقدمة وفي بعض الاحيان بسرطان الكبد.
وتسلم الباحث كرم جائزته، خلال احتفال أقيم في قصر المؤتمرات “اكروبوليس” في مدينة نيس الفرنسية، من رئيس الجمعية الدكتور جان ميشال باولوتسكي الذي نوه ب”هذا الانجاز العلمي الذي رسم خطا مستقيما بين المرض وعلاجه”، مؤكدا أن “ما حققه هذا الباحث الطموح شكل قفزة نوعية في هذا المضمار بعدما حدد أبرز معالم خارطة الطريق لمكافحة هذا الفيروس الخطير”.
وأشار إلى “الجهود المضنية التي بذلها للوصول الى مثل هذه النتائج حتى استحق هذه الجائزة عن جدارة”.
تعتبر هذه الجائزة، التي تمنح سنويا الى افضل باحث ناشىء يقدم مشروعا علميا مبتكرا حول معالجة الالتهاب الكبدي المزمن، الثالثة عشرة التي نالها الباحث كرم خلال تحصيله العلمي في الجامعة اللبنانية – الاميركية LAU حيث نال البكالوريوس في الكيمياء ، وفي الجامعة الاميركية AUB التي اتم فيها الماجستير في العلوم الكيمائية والفيزيائية باشراف الدكتورة لارا حلاوي، وفي جامعة McGill التي يتخرج منها دكتورا في فلسفة العلوم الكيمائية والبيولوجية خلال الصيف المقبل باشراف الدكتور غونزالو كوزا.
ويكتسب هذا البحث العلمي حول التهاب الكبد الفيروسي أهميته من التحريات التي قام بها الباحث كرم على مدى ثلاث سنوات تمكن خلالها من تظهير طريقة عمل هذا الفيروس في الحاق الضرر بخلايا الكبد تمهيدا لمكافحته في وقت لا يزال العالم حائرا امام ما يمثله هذا الفيروس من تهديد للصحة العامة وخصوصا ان مقاومة جهاز المناعة له ضعيفة وبالتالي لا يوجد دواء او لقاح خاص للتعامل مع هذا المرض الذي يفتك باكثر من مليون ونصف مليون شخص سنويا، بحيث أصبح عدد المصابين بالتهابات الكبد الفيروسية بمعدل شخص من كل 12 شخصا ويزيد عدد مرضى الايدز بعشرة اضعاف.
واعتمد الباحث كرم تقنية Single Molecule Spectroscopy الحديثة التي تم تطويرها في نهاية التسعينات من القرن العشرين وخصوصا في مختبرات وزير الطاقة في حكومة الولايات المتحدة الاميركية ستيفن شو ( جامعة كاليفورنيا – Berkeley ) الحائز على جائزة نوبل في العام 1997 ، اذ اتاحت له هذه التقنية مراقبة كل بروتين من RNA polymerase على حدة وبشكل دقيق ومفصل بخلاف التقنيات التقليدية التي كانت تتفحص مجموع عمل هذه البروتينات التي كان يتخطى عددها البلايين في الدراسة الواحدة ما يعطي نتائج تعبر عن المعدل الوسطي.
وأفضت هذه الطريقة الجديدة التي استعملت للمرة الاولى في مقاربة هذا المرض الى نتائج شكلت تقدما على درجة كبيرة من الاهمية منذ بدء المعركة ضد هذا الفيروس منذ اكتشافه قبل 39 سنة وقبل عقدين من تسميته ب C، اذ يساعد هذا الانجاز النوعي في الكشف عن اسراره وتأمين الحماية ضده وإيقاف تطوره المسبب للفشل الكبدي وخصوصا أن المصاب بفيروس التهاب الكبد C لا يشعر باعراضه في المراحل الاولى”.
وأشار الباحث كرم الى أن “هذه البروتينات تشكل عنصرا اساسيا في تكاثر الفيروسات c وبالتالي تشكل ايضا المفتاح الاساسي في القضاء عليها، لكن طريقة عملها تختلف كليا عن عمل باقي الفيروسات وهذا ما جعل الحصول على دواء خاص لمعالجتها مهمة صعبة منذ اكتشافها في العام 1970 لغاية اليوم، بسبب صعوبة فهم هذا الوباء والاحاطة بكل اسراره وتحركاته من جهة ، وصعوبة فهم عمل الادوية المستخدمة في هذه الحالة والمؤلفة من خليط ادوية بينها ادوية الايدز من جهة اخرى. علما ان المنظمة الاميركية الحكومية FDA التي تراقب الدواء والغذاء لا تعطي موافقتها على استعمال الدواء ولو كان فعالا الا بعد ان يقدم الباحث شرحا عن طريقة عمل الدواء للتأكد من عدم حصول عوارض جانبية.
وكشف الباحث كرم النقاب للمرة الاولى منذ بدء المعركة ضد هذا النوع من الالتهاب الكبدي عن كيفية عمل هذا البروتين في جعل الفيروسات C تتكاثر بطريقة فريدة من نوعها وغريبة ومعقدة”.
ولم تقتصر الدراسة على هذه الناحية المهمة فقط ، بل شملت الادوية الفعالة في معالجة هذا المرض والتي ما زالت قيد الدراسة، ولا يملك الباحثون أي فكرة عن طريقة عملها ولا سيما مجموعة الادوية المعروفة باسم Bezimidazol Based Inhibibors ، حيث هناك الكثير من النتائج المنشورة عن هذه العائلة من الادوية في المجلات العلمية ولكن هذه النتائج ترتكز على الدراسات التقليدية.
وفي هذا السياق تمكن الباحث كرم من جلاء الغموض للمرة الاولى عن عمل هذه الادوية بحيث جاءت النتائج مغايرة تماما لكل النتائج المنشورة سابقا ، وهذا ما يساعد منظمة FDA على الترخيص رسميا باستخدام بعض الادوية التي لا تترك عوارض جانبية اثناء معالجة هذا الوباء.