باريس، في 17/01/2024
تنظر الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بقلقٍ كبير ما يجري في وطننا الحبيب، ويشاطرها المغتربون الخوف على لبنان الموجود في قلب العاصفة التي تعصف بالشرق الأوسط، وعلى حدودنا الجنوبية المشتعلة، وكأنه لا يكفي ما تعرّض ويتعرض له اللبنانيون من أزمات ليضاف إليها خطر الحرب التي تقرع طبولها وتهدد الحجر والبشر في الوطن.
وانطلاقاً من مبادئها ومواقفها التاريخية والوطنية الثابتة والمستمرة يهم الجامعة أن تؤكد على ما يلي:
– إنَّ المجازر المستمرة في غزة، والتي نستنكرها، لا يوجد ما يبررها، وهي وصمة عار على ضمير العالم. إنَّ الشعب الفلسطيني صاحب قضيّة آن لها أن تجد حلاً عادلاً لها، مبنيّاً على حقِّ الفلسطينيين في دولةٍ وفق المبادرة العربيّة، وحقِّ اللاجئين منهم بالعودة.
– إننا نستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، والتدمير في القرى والبلدات، ونحيي الشهداء الذين سقطوا ونعتبرهم ذخراً للوطن، علَّ دماءهم الذكيّة تلهم القيادات اللبنانيّة سواء السبيل.
– نحن نرفض أن يكون لبنان ساحةً للقوى الإقليمية تسرق قراره، وتستعمله في خدمة مآربها وعلى طاولة مفاوضاتٍ من أجل مصالحها، وعليه نعلن ما يلي:
أ- إنَّ قرار الحرب والسلم قرارٌ سياديٌّ بامتياز، يجب أن يكون بيد الدولة وحدها دون شريك، وذلك بحسب الدستور، فلا يستطيع أيُّ فريق، مهما سُوِّغَ له من حجج، أو من قوّة، أن ينوب عن الدولة في أخذ قرار الحرب أو السلم.
ب- إنَّ على المجلس النيابي أن يتحمّل مسؤولياته وفق الدستور، ودون تفسيرات بعيدة عن روحه التي وضعها المشرع، والتي تقضي بعقد جلسة نيابية مستمرة لانتخاب رئيسٍ للجمهورية، والذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، خاصةً في ظروف الحرب، ولانتظام المؤسسات في اتخاذ القرارات السيادية المصيرية.
ت- إن ما أسلفناه آنفاً، معطوفاً على الواقع المذري الذي يعيشه اللبنانيون في ظل هذا الفراغ الرئاسي المفروض على اللبنانيين نتيجة التناتش الإقليمي، وبعد انفجار الرابع من آب وتدمير بيروت، وبعد أن سرق الفاسدون ومن يحميهم أموال لبنان واللبنانيين، فأوقعوا اللبنانيين في أزمةٍ إقتصاديةٍ وماليةٍ لم يعرفها لبنان حتى في أصعب مراحل الحرب الأهليّة المقيتة، كل ذلك لا يُهيّء الظروف لنأخذ لبنان إلى الحرب، في زمنٍ خسر فيه لبنان أصدقاءه في العالم وبين العرب، نتيجة الهيمنة الإقليمية على القرار اللبناني، فلن يهبَّ أحدٌ لإعادة الإعمار كما حصل سنة ٢٠٠٦، فلنتعظ قبل وقوع الواقعة.
ث- إنَّ ما يحمي لبنان هو تمسكه بالشرعيّة والقرارات الدولية المتعلقة بجنوب لبنان، والتي تسحب ذرائع الطامعين، وترفع التدخلات الإقليمية عن ظهر الوطن. وما يحميه أيضاً تمسّكه بقرارات جامعة الدول العربية التي هو عضوٌ أصيلٌ فيها. فمن المفارقة مثلاً أن نهرول لفتح جبهة لبنان والجبهات العربية الأخرى في سوريا والأردن ومصر مغلقة!
ج- مع تأييدنا المطلق للقضية الفلسطينية المحقة، ووقوفنا مع الشعب الفلسطيني في مطالبه وعذاباته، نحن نرفض رفضًا قاطعاً أن يعود العمل الفلسطيني المسلح إلى لبنان، وأن تنشأ منظمات مسلحة تعمل على الحدود بغطاء إقليمي يستغل القضية الفلسطينية، فلقد عانى لبنان واللبنانيون ما فيه الكفاية في الحرب الأهلية اللبنانية، فالتحركات المسلحة الفلسطينية أو المستجدة على حدودنا الجنوبية مرفوضةٌ ومدانة.
ح- إنّنا نتوجس من بعض الطروحات الأوروبية والدولية فيما يتعلق بالنازحين السوريين في لبنان، ونرفض كل المحاولات الآيلة إلى تشريعات تثبتهم قانونيّاً على الأرض اللبنانية، فمع احترامنا لكل حقوقهم الإنسانية، وهي واجب على الدول العربية والعالم، خاصةً وأنّ لبنان المأزوم قدّم أضعاف ما هو مطلوب منه، إننا نعتبر النزوح السوري قنبلةً موقوتةً قد تنفجر بلبنان واللبنانيين، ويجب إيجاد الحلول الدولية له، تُفرض على الدولة السورية، ببرنامج زمني واضح ومدروس، وبعودة آمنة إلى مناطق سورية برعاية دوليّة.
إنَّ الجامعة، المؤسسة الاغترابية الضميرية، وبعيداً عن الأنشطة السياسية التي لا تعنيها، تستمر في طروحاتها الوطنية هذه دفاعاً عن لبنان في المحافل الدولية، وفي دول الإقامة، وفي الأمم المتحدة التي هي عضوٌ فيها مع المنظمات الأخرى غير الحكومية المنضوية، وفي مجلسها الاقتصادي والاجتماعي.
عسى لبنان يعبر في سنة ٢٠٢٤ إلى السلام، وإلى بناء مؤسساته الدستورية المشلعة، وإلى ملء الشواغر في السلطات، وعسى الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية وحدها تحمل السلاح لحماية الوطن والحدود.
روجيه هاني
رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم